الثلاثاء، 30 يونيو 2015

فقه القيادة (8)

 
فقه القيادة (8)
سلسلة يكتبها د. إدريس أوهلال

يوجد اختلاف نوعي بين ثقافة الإدارة وثقافة القيادة. ثقافة الإدارة تعطي الأولوية لقيم العقلانية والتخطيط والموارد والتنظيم والرقابة وحل المشكلات بهدف عقلنة الأعمال والأنشطة ومراقبتها. أما ثقافة القيادة فتعطي الأولوية لقيم المستقبل والتميز والتغيير والإلهام والتحفيز. 
هذا الاختلاف النوعي بين ثقافة الإدارة وثقافة القيادة واضح أيضا في الفارق الموجود بين شخصية المدير وشخصية القائد.
يحتاج الشخص ليكون مديرا ناجحا إلى المثابرة والحزم والحيوية والذكاء التحليلي وبنسبة أقل إلى التسامح. أما القائد فشخص غير عادي بسمات شخصية غير عادية أبرزها البطولة والعبقرية؛ شخص استثنائي ومتفرد يملك تحكما عاليا في ذاته وله قدرة عالية جدا على توجيه الآخرين.
إن هذا الاختلاف النوعي في الطبيعة بين المدير والقائد يجعلنا نتساءل السؤالين التاليين:
- هل يمكن القول بأن هذا المفهوم الغرائبي للقيادة ما هو إلا شعور طفولي بالتبعية، وتعبير عن رغبة نفسية طفولية في أب مثالي وبطل؟
- أم هل يمكن القول بأن هذا المفهوم العقلاني للإدارة ما هو إلا تعبير عن عجز المدراء عن استشراف المستقبل ومنح قيمة للعمل؟
كيفما كانت كفاءة المدراء فإن قدرتهم على استشراف المستقبل ومنح قيمة للعمل محدودة. وكيفما كانت كفاءة القادة فإن قدرتهم على الضبط العقلاني للعمل محدودة. والتحدي الأول الذي يواجهنا كباحثين في فقه القيادة، ويواجه المنظمات كفاعلين، هو ضبط العلاقة بين الحاجة لمدراء أكفاء وانتظار قادة كبار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق