الثلاثاء، 30 يونيو 2015

فقه القيادة (10)

فقه القيادة (10)
سلسلة يكتبها د. إدريس أوهلال

تحدثنا في المقال السابق عن الفروق الموجودة بين المدراء والقادة على مستوى طريقة تعامل كل منهما مع الأهداف. في هذا المقال نبرز الفروق الموجودة بينهما في أسلوبهما في العمل.
يميل المدراء إلى تنسيق جهود الأشخاص والأفكار لوضع الاستراتيجيات واتخاذ القرارات. وهم يدعمون هذه العملية عن طريق تقييم المصالح والصراعات، وتوقع اللحظات الحرجة التي يمكن أن تطفو فيها الصراعات على السطح، ويعملون على تخفيف التوترات. إنهم يعتمدون أسلوب "تسهيل تسيير الأعمال". فمن جهة يتفاوضون وينسجون تفاهمات وتوافقات، ومن جهة أخرى يناورون ويكافئون ويعاقبون. إنهم يشتغلون بنفس طريقة وأسلوب الدبلوماسيين والوسطاء: التوفيق بين وجهات نظر متعارضة، وتأمين توازن مصالح متناقضة.
في مقابل هذا الأسلوب الإداري الذي يبحث بشكل مستمر عن التوازنات الكبرى والتوافق والإجماع ووحدة الصف، يعتمد القادة أسلوبا قياديا قائما على البحث المستمر عن الفعالية والنتائج والأداء. إن القادة يواجهون المشاكل القديمة بحلول أصيلة ويفتحون آفاقا جديدة، في حين يميل المدراء إلى الحد من الخيارات الممكنة.
ولتأمين فعاليتهم يحول القادة أفكارهم إلى صور ملهمة تجعل الناس يتعالون عن انشغالاتهم المباشرة ويتماهون مع المثل العليا التي ترسمها هذه الصور الملهمة. وعندما نتأمل بمنطق عقلاني خطاب القادة، والصور الملهمة التي يرسمها هذا الخطاب، سيبدو لنا هذا الخطاب خرافيا أو عبثيا لأنه غير واقعي ويدافع عن مواقف يمكن أن تكون لها نتائج كارثية. لكن الخطابات والصور الملهمة هي مصدر الأفكار الجديدة بالرغم من كل المخاطر والإحباطات التي تتولد عنها.
والنتيجة هي أن القادة يميلون غالبا، بحكم طبائعهم واستعداداتهم، إلى البحث عن المخاطر وركوبها. أما المدراء فتسيطر غريزة حب البقاء عندهم على الرغبة في المخاطرة.
لقد خلق المدراء لتأمين الاستمرارية والالتزام بالأدوار، وخلق القادة لدعم التغيير. وكل ميسر لما خلق له.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق