الثلاثاء، 30 يونيو 2015

فقه القيادة (5)

فقه القيادة (5)
سلسلة يكتبها د. إدريس أوهلال
 
بين المدير والقائد فارق نوعي؛ المدير يدير التعقيد، والقائد يقود التغيير. ولا أحد منهما أعلى درجة أو أقل من الآخر.
تمثل ممارسات الإدارة وإجراءاتها إجابة عملية لتحدي التعقيد الذي يميز المنظمات الكبيرة. أما ممارسات القيادة ووظائفها فتمثل إجابة عملية لتحدي التغيير المتسارع والتنافسية الشرسة في عالم اليوم. إن كلا من الإدارة والقيادة له وظائفه الخاصة به وأنشطته المميزة له.
لكن بين الإدارة والقيادة تكاملا وظيفيا؛ فعمل القيادة مكمل لعمل الإدارة، ولا يمكن لأحدهما أن يكون بديلا عن الآخر.
إن أحد أكبر التحديات التي تواجه المنظمات اليوم هو تحدي الجمع بين الإدارة القوية والقيادة القوية بحيث تكون كل واحدة منهما داعمة بقوتها للأخرى وضامنة، من موقع وظيفتها، لتوازن السلوك الإداري.
لقد فقدت شركة آبل قيادتها القوية بعد وفاة مؤسسها وقائدها الأسطورة ستيف جوبز. لكن غياب جوبز لم يوقف مسلسل نجاحات شركة آبل؛ لأن القيادة تكمل الإدارة ولا تقوم مقامها. إن آبل ما تزال قوية بقوة إدارتها.
لكن الجرة لا تسلم في كل مرة. فالجيش القوي بإدارته لا يستطيع دائما كسب الحرب ولا المعركة بدون قيادة قوية. لا يمكن تطبيق منطق السلم وقواعده على فترات الحرب. في فترات السلم يحتاج الجيش إلى إدارة قوية، لكن في فترات الحرب يحتاج إلى قيادة قوية.
إن الادارة والقيادة وجهان لعملة واحدة. والمنظمات تحتاج إلى إدارة قوية وقيادة قوية في نفس الوقت، لكن أغلب المنظمات تعاني من ضعف أحدهما أو من ضعفهما معا. وهذا الوضع يفرض علينا طرح السؤال التالي: أيهما يعطي نتائج أفضل: إدارة قوية مع قيادة ضعيفة، أم قيادة قوية مع إدارة ضعيفة؟
إن الإدارة القوية مع قيادة ضعيفة تعطي نتائج أفضل من القيادة القوية مع إدارة ضعيفة. لذلك تحتاج كل منظمة تسعى إلى الأداء القيادي العالي إلى العناية بقوة إدارتها في غمرة انشغالها بتطوير قوة قيادتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق