الجمعة، 25 سبتمبر 2015

نحو استراتيجية ذكية للمعرفة / المقال 4

نحو استراتيجية ذكية للمعرفة

المقال (4)

سلسلة يكتبها د. إدريس أوهلال


انتهينا في المقال السابق إلى ضرورة البدء بتحليل البنيات العميقة لأنظمتنا المعرفية للكشف عن العوائق المعرفية والأخلاقية والسياسية المانعة لنا من دخول مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة بعقلية وإرادة المتحدي لا بعقلية وإرادة التابع المسحوب.

لا توجد أي دولة في العالم دخلت في اقتصاد المعرفة رائدة أو متحدية دون الاعتماد على نظامها المعرفي. لكن مشكلتنا هي أننا لا نملك نظاما معرفيا واحدا أو مٌوَحِّداً، بل لدينا أنظمة معرفية متعددة ومتصارعة. فما هي هذه الأنظمة المعرفية؟ وما حدود سلطة كل نظام معرفي؟

توجد ثلاث مساهمات تحليلية نقدية متميزة، لثلاثة مفكرين كبار، انتهت إلى تقسيم متطابق لنظامنا المعرفي مع اختلاف في المفاهيم المستخدمة:

- مساهمة محمد عابد الجابري، و  وتقسيمه للنظم المعرفية إلى الأقسام الثلاثة: البرهان، والبيان، والعرفان.

 - مساهمة طه عبد الرحمن، وتقسيمه للنظم المعرفية إلى الأقسام الثلاثة: العقل المجرد، والعقل المسدد، والعقل المؤيد.

- مساهمة عبد السلام ياسين، وتقسيمه للنظم المعرفية إلى الأقسام الثلاثة: العقل، والنقل، والإرادة.

توجد إذن ثلاثة أنظمة معرفية:

- النظام المعرفي البرهاني/العقل المجرد/العقل

- النظام المعرفي البياني/العقل المسدد/النقل

- النظام المعرفي العرفاني/العقل المؤيد/الإرادة

تقسيم متطابق على غير اتفاق بين المفكرين الثلاثة الكبار ! لكن يبدو أن هذا التطابق في التقسيم هو نقطة الاتفاق الوحيدة بينهم.

ولفهم الموقف النقدي لكل مساهمة، وقيمتها، وحدودها، لا بد من استحضار الأسئلة التالية: ما طبيعة كل نظام معرفي؟ وما حدود سلطته؟ وهل هذه الأنظمة المعرفية متفاضلة أم متكاملة فيما بينها؟ وإذا كانت متفاضلة فما هو سلم التفاضل بينها؟ وبأي نظام معرفي نتحرر من عقلية وإرادة التابع المسحوب، ونبني عقلية وإرادة المتحدي لدخول مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق