الجمعة، 25 سبتمبر 2015

نحو استراتيجية ذكية للمعرفة / المقال1

نحو استراتيجية ذكية للمعرفة (1)

سلسلة يكتبها د. إدريس أوهلال


المعرفة اليوم أصبحت نمطا جديدا للإنتاج، أي شكلا جديدا للسلطة، وأنتجت موجة ثالثة تسمى "اقتصاد المعرفة" و "مجتمع المعرفة".

وكعادتنا مع كل موجة جديدة انخرط "سفراء النوايا الحسنة" في الدعوة غير المشروطة إلى ركوب قطار اقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة، ووقف "حرس الحدود" بسلبية يحذرون ويصيحون ويعارضون.

ما لا يدركه الطيبون أن هذا النمط الجديد للإنتاج أنتج رأسمالية جديدة يسميها موليي بوتانغ ب "الرأسمالية المعرفية". وبتطور الرأسمالية الصناعية إلى رأسمالية معرفية أصبحنا أمام تهديدات ومخاطر من نوع جديد، لكن أصبحنا أيضا أمام فرصة تاريخية من نوع الفرص التي لا تتكرر سوى مرة واحدة في كل دورة تاريخية.

التهديدات والمخاطر الجديدة تتمثل في الآليات الجديدة لإعادة إنتاج نفس أسباب التقدم عندهم ونفس أسباب التخلف عندنا، والفرصة التاريخية تتمثل في نهاية عصر احتكار المعرفة. إن أهم مكسب لعصر المعرفة لا يكمن في الثورة المعرفية والثورة التواصلية، بل في التراجع الكبير لنسبة احتكار المعرفة؛ أي لنسبة احتكار السلطة مادامت المعرفة هي الموضوع الجديد للرهان الاستراتيجي على السلطة.

فهل من الذكاء ركوب هذا القطار؟ أم أننا سَنٌضَيِّع فرصة تاريخية أخرى برفض الركوب؟

إن قطار "اقتصاد المعرفة" تَسٌوقٌه وتٌسَوِّقه  "الرأسمالية المعرفية". والتحول نحو اقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة دون استراتيجية ذاتية ذكية للمعرفة هو مجرد لحاق باقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة العالمي؛ أي تكريس للتخلف والتبعية، وخدمة مجانية للرأسمالية المعرفية، وتضييع لفرصة جديدة للتحرر والتقدم.

فبأية رؤية واستراتيجية سنركب هذا القطار؟ ولمصلحة من سنركب؟ هذا هو السؤال.. لكن الأمل في الإجابة عنه يبدو بعيدا؛ لأن أغلب القادة عندنا ليس لديهم الصبر المطلوب لتطوير استراتيجيات ذاتية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق